يا لطيف! جدلية تدخل عامها الخامس
من الصعب أن نبالغ بحماسنا المتواصل للعمل على “جدلية”. لكن في ظل الأوضاع الراهنة في المنطقة، من الصعب الحفاظ على حماس غير مقيّد. لقد أطلقنا هذا المشروع قبل وقت قصير من انطلاق الثورات العربية وتطورت المجلة بموازاة الحماس الذي واكب انطلاق الثورات العربية. ونجدنا نواجه الآن لحظة من اليأس الطويل ببصيص أمل. لكننا مصممون على التقدم إلى الأمام.
بعد خمس سنوات من إطلاق “جدلية”، ما زلنا ننظر إليها كأنها حديثة الولادة، ونخصها بكل الرعاية والقوة وأحياناً عدم الشعور بالأمان الذين يرافقون إطلاق مشروع جديد. فقد اجتزنا طريقاً طويلاً جداً مذاك، على مزيد من الجبهات، أكثر مما نستطيع تلخيصه في هذه المادة القصيرة. وفي الحقيقة، نحن مترددون بشكل متزايد في وضع قائمة بالإنجازات والمعالم خشية أن نظهر مداحين للذات أكثر من اللزوم في وقت حظيت فيه المجلة بتأسيس جيد واستقبال جيد. إن الهدف الآخر من هذه المراجعة الذاتية هو أننا لا نريد أن نظهر أيضاً بأننا نسلم أن نجاحها أمر مفروغ منه، لأننا لا نفعل ذلك.
كل يوم، وكل أسبوع، نذكّر أنفسنا ليس فقط بمبادئ ومعايير أقسمنا جميعاً أن نتقيد بها في البداية (كل المؤسسات تفعل ذلك في الحقيقة)، لكننا نجهد أيضاً كي نعود إلى المربع الأول. ونراجع ما قمنا به حتى الآن بطريقة، تجعل بعض أشد نقادنا يبدون ناعمين. نعم، هذا نوع من المرض الانعكاسي الرديء، لكنه النوع الذي يبقينا صادقين مع أنفسنا ومع ما انطلقنا لفعله. وهو ينبعث، لا من الإحساس بالحاجة إلى شهادة، بل من نزعة نقدية تذكرنا بأهمية ما هو غير مقصود بالرغم من كل المقاصد. وقد اتفقنا دوماً أنه ما يزال لدينا مجال لتحسىن متواصل، وهذا المجال هو الذي يسكنه معظمنا دون توقف خشية أن تغرينا نشوة النجاح والاستساغة الواسعة.
كان هذا في النتيجة دهشة ظريفة أعيد إنتاجها باستمرار، وكان الشيء الرئيسي المتواصل والصادق الذي أبقانا قيد الفحص، ولا نكل أبداً، هو الدعم المستمر الغامر والتقدير اللذان نتلقاهما من القراء في كل زوايا العالم. وعلى نحو أكثر أهمية، حتى النقد الأكثر حدة (ونجرؤ على القول) العدواني (والذي لا نتفق معه دوماً) يأتي معبراً عنه في لغة تعتبر موضوع النقد فقداناً للمكانة وفقداناً للتوقعات الموجودة. نصغي، نقرأ بعناية، وندون الملاحظات.
نستطيع أن نعود بسهولة إلى تاريخ “جدلية”، وإلى المعالم والتطورات المستمرة (لكننا فعلنا ذلك في مواد سابقة، انظر أدناه). بدلاً من ذلك، سنلقي الضوء فقط على بعض اللحظات والمشاريع الخاصة التي أنجزناها العام السابق، ونشدد قليلاً أكثر على ما يعرف قراؤنا القليل عنه: العمود الفقري لـ “جدلية”، شقيقاتها المؤسسات الأربع الوليدة ومؤسستهم المظلة، “مؤسسة الدراسات العربية”.
لحظات في 2015 ودور "مؤسسة الدراسات العربية"
كان العام الماضي دوماً سيشكل نهاية ما تصوّرْنا أنه مرحلتنا الأولى، مرحلة طوت فصلاً بعد أن حوّلنا “جدلية” إلى مؤسسة. وفعلاً كان هذا عاماً كُتب فيه عن “جدلية” في كثير من المنشورات والصحف بأنها مشروع رائد، ومرجع فريد عن المنطقة، و\\أو مصدر حياة جديدة في دراسات الشرق الأوسط. (الرابط الخاص بالنيويورك تايمز). لكن الإشارات الأكثر أهمية تأتي من قرائنا، وتشير إلى الطريقة التي شغلت بها “جدلية” مكاناً معيناً، يستطيعون الاعتماد عليه ويثقون به كثاقب الفكر ودقيق. وبالنسبة للآخرين، يمكن أن تكون هكذا، لكنها صارت على ما يبدو منبراً من الضروري والواجب الاطلاع عليه، خاصة، مثلاً، حين تنشر “جدلية” عن هذه المسألة أو تلك.
بصرف النظر عن التغطية الإعلامية والقراء، جذبنا في هذا العام معظم الإعلانات عن المؤتمرات والمحاضرات والمشاغل من قبل مؤسسات مهتمة بنشر برامجها ومبادراتها ومناسباتها وقوائم وظائفها على “جدلية”. إن هذا الاعتراف الواسع من قبل معظم منظمي المؤتمرات المهمة في الميدان يعكس جزئياً معلماً للمرحلة الأولى.
على المستوى الداخلي، قوّينا إجراءات مراجعتنا من خلال صفحات كثيرة (تتعلق بالموضوع أو البلاد \\المنطقة) وأنهينا عملية المَأْسَسة داخلها. سعينا إلى أن نغوص عميقاً كي نجذب حشداً من الكتاب الذين كانوا متحمسين أيضاً كي يُنشر لهم على صفحاتنا. بالتالي، اتسعت قاعدة كتابنا بشكل معتبر، من المنطقة بكلّ من اللغة العربية والتركية، وبالرغم من أننا أوقفنا إنشاء صفحات جديدة في 2013\\2014، فقد أنشأنا صفحتين جديدتين، (فلسطين والقانون والصراع)، من رحم الصفحة السابقة (الاحتلال، التدخل، القانون)، التي لم تعد موجودة. وعلى الفور، صار التقرير الإعلامي عن فلسطين يجذب الكثير من القراء، حتى قبل الأحداث الأخيرة لما يمكن أن يتحول إلى انتفاضة أخرى. وأُضيف تقريران إعلاميان آخران لذخيرتنا في هذا العام السابق، وصعدا بسرعة كي يصبحا الأكثر قراءة في “جدلية”: “تنظيم الدولة الإسلامية في التقرير الإعلامي الأخباري” و”التقرير الإعلامي للسياسات الخارجية”. سنقدم في الوقت القريب نسخاً عربية من هذين التقريرين وتقارير أخرى، ولو بشكل انتقائي في البداية.
وفي العام الماضي، شق مضمون “جدلية” طريقه إلى منشورين من منشورات “تدوين للنشر”: أولاً “جادماغ” تحت عنوان “حيوات الثورة الجزائرية بعد الموت” وكتاب محرر بعنوان “أصوات نقدية” حرره زياد أبو ريش وبسام حداد. من ناحية أخرى، “جدلية” تواصل جذب المادة التحليلية حول المنطقة، والتي نحولها إلى أدوات تدريسية من خلال “جادماغ”: وكل منها تحتوي على بيبليوغرافيا مصنفة، ومن ناحية أخرى ما تزال “جدلية” تُرعى كي تنتج كتباً محررة لها أهمية كبيرة للباحثين والمدرسين. سيتواصل هذا التقليد ومن المحتمل أن يتوسع. تتضمن منشورات أخرى كتاب رسومنا الأول، “كبير جداً بحيث لا يمكن أن يسقط”، والدليل التدريسي، “الملاذ الإبداعي” (الروابط في الأسفل).
كانت مجموعة مشاريعنا الأكثر تطلباً للعمل هذا العام هي سلسلة المؤسسة الشقيقة “فاما “(منتدى الشؤون العربية والإسلامية) من الورشات التي أقيمت مع جامعة جورج ميسون تحت عنوان “دعم البحث المنخرط في القضايا العامة في العالم العربي”. وفي أثناء العام الماضي، أقمنا أكثر من ثماني ورشات ومؤتمرات، سيُنشر مضمونها بصيغة أو أخرى في جدلية. الموضوعات واسعة النطاق ومذكورة أدناه. ويمكن العثور على مزيد من المعلومات في الرابط التالي: www.ArabandMuslimAffair.org. إن معظم هذه الجهود ليست مناسبة حدثت مرة واحدة وتوقفت، بل هي مشروعات مستمرة متصلة بشبكات من الباحثين والناشطين والصحفيين والفنانين وهم بشكل رئيسي من المنطقة. والهدف هو إنتاج جماعة من منتجي المعرفة والثقافة المنخرطين يمكن أن يقدموا سرد رؤية\\ مقاربة بديلة في جبهات مختلفة.
مشاريع البحث القائمة:
استقصاء الأجندات لمشروع مواطنة فعال.
- مشروع الاقتصاد السياسي.
- مشروع اللاجئين والمهاجرين والتشرد
- مشروع الجدول الزمني لسوريا
- بناء الدولة، المؤسسات العامة، والتعبئة الاجتماعية في مشروع لبنان.
المبادرات، الورشات، والمؤتمرات:
- مشروع وورشة البحث حول الانتفاضات العربية والصحراء الغربية.
- مشروع وورشة البحث حول الانتفاضات و”الاستثناء” المغربي.
- إنتاج المعرفة حول الانتفاضات العربية.
- المنظمات غير الحكومية في العالم العربي بعد الانتفاضات العربية
- الخريطة الثقافية لمصر
- الحدائق تتحدث: التواريخ الشفوية لموتى سوريا (نشر كتاب لفنان تفاعلي)
- ورشة تنظيم الدولة الإسلامية: طبيعة وتوسع وحدود تنظيم الدولة الإسلامية.
- سوريا بين الحرب الأهلية وإعادة البناء.
- ورشة تنظيم الدولة الإسلامية: تأثير تنظيم الدولة على مستقبل الإسلام السياسي.
- الرقابة والتعليم في مصر
- المهجرون العراقيون من شمال العراق: المسيحيون والأقليات الأخرى
وكنا ننوي لوقت طويل، حسناً لمدة خمس سنوات، أن نبقي “جدلية” و”مجلة الدراسات العربية” مؤسستين منفصلتين. وما نزال ننوي ذلك. لكننا سنزيد التعاون والنشر المشترك، ولو في اتجاه واحد إلى حد كبير، من “مؤسسة الدراسات العربية” إلى “جدلية”. لقد احتُفيَ بمحتوى “مؤسسة الدراسات العربية” منذ إطلاقها في 1992، وصارت ركناً أساسياً يُعتمد عليه لبحث قوي وإبداعي. بدأت محاولتنا في أوائل 2013، لكننا نتطلع إلى جعلها أكثر تماسكاً وغنى. أيضاً، انتظروا عددنا الدسم من “مجلة الدراسات العربي” هذا الخريف، المليء بالبحث الدقيق (www.ArabStudiesJournal.org)
فضلاً عن ذلك، حدث تطور وثيق هو المؤسسة الشقيقة لـ “جدلية”، والتي تدعى “كيلتنغ بوينت”، وهي مؤسسة للإنتاج السمعي - البصري. قادت “كيلتنغ بوينت” تأسيس مجلة صوتية متعددة اللغات، هي “ستاتوس\\ الوضع”، وتستند بشكل رئيسي إلى الشراكات الإقليمية وفكرة ضروروة مصدر مستقل للتحليل المسموع. شاهدت “ستاتوس” الضوء في تشرين الثاني\\نوفمبر 2014 وأنتجت عدداً فصلياً مليئاً بالمقابلات والمحادثات الذكية من جميع زوايا العالم العربي تقريباً. إن هذا المشروع يستعد لتعديل سيدمجه أكثر مع مواقع الإنترنت الخاصة بالمؤسسات الشريكة، وبينها “جدلية”.
أخيراً، نحن ننطلق إلى الأمام في المراحل الأخيرة من مشروع إنتاج المعرفة، الذي كان عنواناً شاهده بعضكم هنا وهناك، لكنه سيصبح حقيقة في ربيع 2016. ومن المحتمل أن يغيّر المشروع الطريقة التي نبحث بها، و أن يغيّر بعض مظاهر البحث، وسيُبْرز ليس فقط طرقاً مبتكرة ومحفّزة بصرياً لمسح إنتاج المعرفة، بل سيقدم أيضاً الأدوات لفحص عملية وسياسة إنتاج المعرفة. وكما دوماً… المزيد في أقرب وقت. واصلوا القراءة!
محررو جدلية